زيارة غير معلنة لوزيري الهجرة والمساعدات في السويد إلى سوريا… هل بدأت مرحلة إعادة السوريين؟
أثار خبر الزيارة غير المعلنة لوزير الهجرة السويدي يوهان فورسيل (Johan Forssell) ووزير التعاون الدولي والمساعدات بنيامين دوسا (Benjamin Dousa) إلى سوريا موجة واسعة من الجدل داخل السويد، وبين اللاجئين السوريين في أوروبا، خصوصًا في ظل التحولات المتسارعة في سياسات الهجرة داخل الدول الإسكندنافية.
الزيارة — التي لم تُعلن مسبقًا — تأتي في وقت تتصاعد فيه الدعوات داخل السويد لتقليص أعداد طالبي اللجوء، وتشديد قوانين الإقامة، ودراسة “إمكانية العودة الآمنة” لبعض السوريين. ولهذا، فإن أي خطوة ميدانية داخل سوريا تُقرأ تلقائيًا كجزء من خطة أكبر تتعلق بملف عودة السوريين.
تفاصيل الزيارة غير المعلنة
رغم غياب إعلان رسمي من الحكومة السويدية، كشفت تقارير إعلامية أن الوزيرين قاما بجولة ميدانية داخل الأراضي السورية بهدف “تقييم الوضع على الأرض” ودراسة أوضاع المناطق التي يُعتبر بعضها أقل خطورة.
وتشير المعلومات المتداولة إلى أن فريقًا أمنيًا سويديًا سبق الزيارة لضمان سلامة الوفد، وأن اللقاءات ركّزت على:
- الوضع الإنساني والأمني في بعض المدن
- ظروف المعيشة، الخدمات، البنية التحتية
- ملف عودة السوريين من السويد ودول أوروبا
- آليات التعاون الممكنة لعودة “طوعية” أو “منظمة”
وبرغم عدم صدور بيان رسمي يوضح نتائج الزيارة، إلا أن التسريبات كافية لإثارة القلق لدى آلاف السوريين المقيمين في السويد.
لماذا الآن؟ خطاب سياسي يتغيّر بوضوح
تشهد السويد — مثل جارتها الدنمارك — تحولات حادة في ملف اللجوء، حيث يتحدث السياسيون بشكل متزايد عن:
- ضرورة تقليل أعداد اللاجئين
- تشديد القوانين
- تقييم ملف الحماية للسوريين
- زيادة “العودة الطوعية”
وبحسب تصريحات سابقة لمسؤولين سويديين، فإن بلادهم ترغب في تحفيز عودة أكبر عدد ممكن من السوريين عندما تعتبر بعض المناطق “قابلة للعيش”.
الزيارة غير المعلنة قد تكون الخطوة العملية الأولى لتقييم هذه المناطق على الأرض.
هدف الزيارة الرئيسي: تقييم إمكانية إعادة السوريين
من خلال سياق التحركات الحكومية، فإن الهدف الأكبر لهذه الزيارة واضح:
1. دراسة المناطق التي قد تُعدّ “آمنة نسبيًا”
السويد — مثل الدنمارك — تبحث منذ سنوات عن مناطق يمكن أن تُصنّف “سالمة” لتبرير إعادة بعض السوريين، خصوصًا أصحاب الإقامات الموقتة.
2. بناء ملف معلومات رسمي
الزيارات الميدانية تمنح الحكومة السويدية أساسًا أقوى لاتخاذ قرارات مستقبلية تجاه الإقامات وتجديدها، أو حتى سحب الحماية لمن يُعتبر قادرًا على العودة.
3. الضغط السياسي الداخلي
الأحزاب اليمينية في السويد تضغط منذ سنوات باتجاه:
- ترحيل المرفوضين
- تشديد منح الجنسية
- وضع خطط للعودة
- وقف “الهجرة الدائمة”
والزيارة تمنح الحكومة ورقة سياسية قوية أمام المعارضة.
4. التحضير لاستراتيجية بعيدة المدى
السويد كانت قد اعتمدت استراتيجية جديدة للأزمة السورية لعام 2024–2026، تتضمن — ضمنيًا — العمل على جعل العودة ممكنة في المستقبل.
كيف يقرأ اللاجئون السوريون الزيارة؟
بالنسبة لأكثر من 100 ألف سوري في السويد، فإن هذا النوع من الزيارات يثير عدة مخاوف:
1. هل ستبدأ السويد تقييم ملفات الحماية مجددًا؟
من المحتمل — إذا اعتبرت السويد بعض المناطق آمنة — أن تبدأ مراجعة ملفات الإقامة الموقتة.
2. هل ستسير السويد على خطى الدنمارك؟
الدنمارك بدأت قبل سنوات سحب الإقامات من بعض السوريين، خصوصًا سكان دمشق وريفها.
السويد لم تخطُ هذه الخطوة بعد، لكن الزيارة قد تكون مؤشرًا إلى تفكير مشابه.
3. هل ستفرض السويد “عودة طوعية تحت الضغط”؟
بعض اللاجئين يخشون أن يصبح تجديد الإقامة أو لمّ الشمل أصعب، وبالتالي يجد البعض نفسه مضطرًا للعودة.
ماذا بعد الزيارة؟ السيناريوهات المحتملة
السيناريو الأول: تقرير رسمي
قد تنشر الحكومة السويدية تقريرًا يعتبر بعض المناطق “قابلة للعودة”، ما قد يؤدي إلى إعادة تقييم بعض الإقامات.
السيناريو الثاني: تعاون غير مباشر
استخدام منظمات وهيئات دولية لتسهيل “العودة الطوعية المنظمة”.
السيناريو الثالث: ضغط سياسي فقط
قد تكون الزيارة مجرد رسالة سياسية للداخل السويدي دون إجراءات فورية.
سواء كانت الزيارة قصيرة، غير معلنة، أو ذات طابع استطلاعي، فإن الرسالة واضحة:
السويد دخلت رسميًا مرحلة جديدة في التعامل مع الملف السوري — مرحلة إعادة تقييم الحماية، والبحث عن فرص إعادة أكبر عدد ممكن من اللاجئين.
لكن في المقابل، تبقى الخطوات العملية رهن القرارات الرسمية المقبلة، والتي سيترقبها السوريون داخل السويد وخارجها باهتمام كبير.