المؤتمر الأول لصناع المحتوى في حلب 2025: نجاح تنظيمي وتجاهل أصوات سورية مؤثرة في أوروبا
مؤتمر صناع المحتوى في حلب 2025
شهدت مدينة حلب يوم السبت 1 سبتمبر 2025 حدثاً إعلامياً بارزاً تمثل في انعقاد أول مؤتمر لصناع المحتوى والمؤثرين العرب تحت عنوان “سكريبت”. المؤتمر الذي أقيم برعاية وزارة الإعلام والجمعية الوطنية للشباب (JCI Syria) استقطب أكثر من 380 صانع محتوى ومؤثراً من مختلف المدن السورية وبعض الدول العربية، وشارك فيه مسؤولون بارزون مثل وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى ومحافظ حلب عزام الغريب.
وعلى الرغم من أهمية الحدث وما تضمنه من محاور وورش عمل تواكب تطورات الإعلام الرقمي، فقد برزت ملاحظة جوهرية تمثلت في تجاهل أسماء سورية معروفة ومؤثرة تعيش في أوروبا، مثل الإعلامي محمد برادعي، والناشط الرقمي نبراس عقيل، والإعلامي محمد كاظم هنداوي. هذا التجاهل أثار نقاشات واسعة بين المتابعين حول معايير المشاركة والتمثيل الحقيقي لصناع المحتوى السوريين.
أهمية المؤتمر
المؤتمر جاء تحت شعار “إنتاج مؤثر قائم على القيم”، وسعى إلى تسليط الضوء على عدة محاور رئيسية:
- الأخلاقيات الرقمية: كيفية إنتاج محتوى هادف ومسؤول بعيداً عن الإثارة الفارغة.
- التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي: توجيه المشاركين لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لفهم خوارزميات المنصات وتحسين الانتشار.
- المسؤولية المجتمعية للمؤثرين: إبراز دور صناعة المحتوى في بناء الهوية الوطنية ونشر الوعي.
- تكامل الإعلام التقليدي مع الإعلام الجديد: نقاش حول حدود العلاقة بين الصحافة الكلاسيكية ومحتوى المنصات الرقمية.
ورش العمل المتخصصة
- ورشة بعنوان “كيف تُحدث فرقاً؟” تناولت دور المحتوى في التأثير المجتمعي.
- ورشة “إعلامي ومؤثر” التي ناقشت الفروق بين الإعلام التقليدي وصناع المحتوى.
- ورشة “الخوارزميات والذكاء الاصطناعي” التي استعرضت طرق الاستفادة من أحدث الأدوات الرقمية.
المؤتمر تميز بتفاعل عربي، حيث شارك مؤثرون من الكويت ودول عربية أخرى، وأكد بعضهم على أهمية هذه الخطوة لإعادة سوريا إلى خريطة الإعلام الرقمي.
التجاهل المثير للجدل
رغم حجم الحضور، لم تتم دعوة عدد من أبرز صناع المحتوى السوريين المقيمين في أوروبا، ومنهم:
- محمد برادعي: إعلامي سوري مقيم في ألمانيا، له حضور واسع على منصات التواصل ويعتبر من الأصوات البارزة في التغطيات الإخبارية والمحتوى التحليلي.
- نبراس عقيل: ناشط رقمي سوري يتميز بمحتوى اجتماعي وتوعوي راقٍ، وله جمهور متنوع في أوروبا والشرق الأوسط.
- محمد كاظم هنداوي: إعلامي سوري معروف ببرامجه التحليلية ومشاركته الفعالة في القضايا السورية والعربية.
تجاهل هذه الأسماء طرح تساؤلات جادة:
- هل يعتمد المؤتمر معايير جغرافية أكثر من معايير التأثير والجودة؟
- هل هناك اعتبارات سياسية أو إدارية تمنع إشراك شخصيات مؤثرة في الخارج؟
- ألا يستحق هؤلاء فرصة نقل خبراتهم وتجاربهم أمام جمهور محلي وعربي واسع؟
أثر التجاهل على صورة المؤتمر
- فقدان التنوع: غياب الأصوات الخارجية حرم المؤتمر من رؤية عالمية وخبرة أوروبية في صناعة المحتوى.
- ضعف المصداقية: إعلان المؤتمر عن نفسه كـ “أول حدث جامع لصناع المحتوى السوري” يتعارض مع استبعاد أسماء محورية وفاعلة.
- ردود فعل الجمهور: كثير من المتابعين اعتبروا أن الحدث بقي محلياً بحتاً ولم يعكس الحضور السوري الحقيقي في الساحة الإعلامية العالمية.
ما الذي يمكن تحسينه مستقبلاً؟
- دعوات أكثر شمولية: إشراك السوريين في الشتات ممن يملكون خبرة وتجربة مؤثرة.
- جلسات افتراضية: فتح المجال لمشاركة عبر الإنترنت لمن يتعذر عليهم الحضور الميداني.
- اعتماد معايير واضحة: تحديد معايير الاختيار بشكل شفاف بعيداً عن المحاباة.
- شراكات دولية: إدخال منظمات أو هيئات إعلامية عالمية لدعم المصداقية.
يُعتبر مؤتمر “سكريبت” في حلب خطوة أولى مشجعة لإعادة بناء المشهد الرقمي السوري وتطويره. لكنه، وفي نظر كثيرين، لم ينجح في تمثيل كامل الطيف السوري، حيث تم تجاهل أسماء وازنة مثل محمد برادعي ونبراس عقيل ومحمد كاظم هنداوي.
لكي ينجح المؤتمر في السنوات المقبلة ويكتسب ثقة أوسع، فإنه بحاجة إلى انفتاح أكبر على تجارب السوريين في أوروبا والعالم، وضمان حضور شامل يعكس التنوع الحقيقي لصناعة المحتوى السوري.